بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على نبيه الكريم
في إطار مايتوق له مجتمعنا وما يتجلى ويتأكد حينا بعد حين من ضرورة تطوير قطاع الصحافة والاتصال لتحقيق طموحاته على كافة الأصعدة، فقد حدت بي رغبة المساهمة إلى التفكير في الترشح لمنصب نقيب الصحفيين الموريتانيين، وكانت تأكيدات الإخوة الزملاء الفاعلين في الحقل مشجعة للمضي قدما في ذلك التوجه، غير أن إكراهات تتعلق ببعض مواد النظام الأساسي للنقابة حالت دون الاستمرار في ذلك الاتجاه.
فالناظر بشكل خاطف لذلك النظام يرى جليا خروجه عن الضوابط القانونية والتنظيمية؛
فهناك مواد في هذا النظام الأساسي مخالفة للدستور والأعراف والمبادئ الديموقراطية والعدل، فعلى سبيل المثال لا الحصر :
تنص المادة 21 على أنه تمنع عضوية المكتب التنفيذي على أرباب العمل و"مدراء" النشر!
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن في هذه الحالة، هو كيف يتصور صحفي لا معين معه، لا كاتب، لا حارس يرافقه، لا سائق، لا متعاون ، لا محرر، لا مصور و لا موفد... إذ من البديهي أن كل من لديه واحد من هؤلاء يعتبر رب عمل ومدير نشر. وهو ما يعني أن هذه المادة تمنع العضوية على كل صحفي بل كل مواطن.
كما تكرس المادة 57 مبدأ الاحتكار والحلزونية والدور والتسلسل والتوريث، وتمنع التداول وتقصي الأجيال اللاحقة لأنها تمنع عضوية المكتب التنفيذي على من لم يكن عضوا فيه، أو في المجلس النقابي وهكذا يكون تداول الوظائف القيادية حكرا على مجموعة تتداولها بينها كالحلقة المفرغة لا يدرى أولها من آخرها؛ فأنت لتحصل على وظيفة قيادية لابد أن تكون قد شغلت وظيفة قيادية، ولكي تحصل على وظيفة قيادية لابد أن تكون في وظيفة قيادية وهكذا.
وهذا ما يسميه أهل المنطق توقف الشيء على ما يتوقف عليه،
وهو أمر مخالف للدستور الذي يكرس ضرورة التداول في كافة الوظائف القيادية بدءا من رئيس الدولة إلى عضوية البرلمان والبلديات وغير ذلك، ولا يوجد مثل هذا الشرط التعسفي الاحتكاري في أي نقابة في الدنيا ولا في أي ممارسة انتخابية لمناقضته لمبدإ العدل والمساواة في الفرص بين أصحاب كل نقابة وسلك وغير ذلك.
والله عز وجل يقول :كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم.
وصرفا للنظر عن هذا فالشكر موجه لكل من رحب وساند ونصح من داخل الحقل الإعلامي وخارجه، راجيا للنقابة أن تحظى بقيادة تصحح الاختلالات وتقودها نحو مسار قويم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الدكتور محمد سالم الصوفي
نواكشوط بتاريخ 3 فبراير 2025