في مسيرة مهنية امتدت لعقود، خطا الدكتور سيدي ولد التاه بثبات بين مفاصل الإدارة الموريتانية، قبل أن يعبر حدود الوطن ويصل إلى مناصب إقليمية عليا، كان آخرها تنصيبه أمس في أبيدجان رئيسا لإحدى أهم المؤسسات التنموية الإفريقية،" البنك الافريقي للتنمية BAD"، وسط دعم رسمي لافت من فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني.
ينتمي ولد التاه إلى أسرة علمية عريقة في موريتانيا، فهو ابن أخ المرحوم العلامة حمدا ولد التاه، أحد أبرز رموز العلم والدعوة في البلاد، ما يُضفي على شخصيته بُعدًا اجتماعيًا وثقافيًا يعزز حضوره القيادي. وفي مجتمع تُقدّر فيه الأصول والرموز العلمية، يُعد هذا النسب خطوة هامة نحو نيل ثقة النخب، وترسيخ صورة المرشح المناسب للقيادة.
بدأ سيدي ولد التاه حياته المهنية إطارًا في البنك الموريتاني للتنمية والتجارة، ثم تقلد مناصب قيادية في مفوضية الأمن الغذائي، وبلدية نواكشوط، وميناء نواكشوط المستقل، خلال الفترة ما بين 1986 و1996، وهي تجارب صقلت رؤيته الإدارية ورسخت اسمه بين نخبة صناع القرار.
وفي 31 أغسطس 2008، دخل الحكومة وزيرًا للاقتصاد والتنمية، وهو المنصب الذي جلب له جدلاً واسعًا بين من انتقد إدارته، ومن حمّل مسؤولية الإخفاقات لقرارات وصفوها بـ"الارتجالية" صادرة من رئيس الجمهورية آنذاك محمد ولد عبد العزيز.
رغم ذلك، أثبت ولد التاه كفاءته حين انتقل إلى الساحة الإقليمية، حيث نجح ـ بشهادة كثيرين ـ في قيادة المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا، ما جعله مرشحًا طبيعيًا لمناصب أعلى، بفضل خبراته العريضة، وشهاداته العليا، وتجربته المتراكمة في الحقلين الوطني والدولي.
تنصيبه الجديد في أبيدجان لم يمر دون تساؤلات: "ماذا قدم ولد التاه لموريتانيا ليستحق هذا الدعم الكبير؟" لكن في المقابل، يرى آخرون أن مجرد وجود كفاءات موريتانية في مواقع التأثير الإقليمي مدعاة للفخر، خصوصًا حين يكون الحديث عن شخصية تحظى بثقة الخبراء ودعم أعلى سلطة في الدولة.
وفي نهاية المطاف، فإن دعم فخامة رئيس الجمهورية يشكل – كما يرى البعض – رسالة صامتة مفادها: "نحن نعرف أين تكمن المصلحة الوطنية، ومن هم رجال المرحلة المقبلة".
أصالة ميديا