تسليم "الكتاب الأبيض" حول مجزرة تياروي لرئيس السنغال

تسلّم الرئيس السنغالي، باسيرو ديوماي فاي، يوم الخميس 16 أكتوبر 2025، "الكتاب الأبيض" حول مجزرة تياروي، في خطوة وصفت بالتاريخية نحو كشف الحقيقة وتحقيق العدالة الرمزية لضحايا واحدة من أكثر الصفحات المأساوية في التاريخ الاستعماري الفرنسي في إفريقيا.

وتعود هذه المجزرة إلى الأول من ديسمبر عام 1944، حين أطلق الجيش الفرنسي النار على مئات الجنود السنغاليين السابقين، الذين كانوا قد شاركوا في الحرب العالمية الثانية إلى جانب قوات الحلفاء. وقعت المجزرة في معسكر تياروي الواقع قرب العاصمة داكار، بعدما احتج الجنود على ظروف احتجازهم وطالبوا بصرف مستحقاتهم المالية التي وعدوا بها لقاء خدمتهم العسكرية.

ورغم مرور أكثر من ثمانين عامًا على الحادثة، ما تزال العديد من الملابسات الغامضة تحيط بها، خصوصًا فيما يتعلق بعدد الضحايا الحقيقي وأوامر إطلاق النار. وتشير بعض التقديرات غير الرسمية إلى أن عدد القتلى قد تجاوز 300 جندي، بينما اعترفت السلطات الفرنسية سابقًا بمقتل 35 فقط.

ويهدف "الكتاب الأبيض"، الذي أعدته لجنة وطنية مختصة تضم مؤرخين وخبراء قانونيين، إلى توثيق الحقائق، واستعراض السياق التاريخي والسياسي للمجزرة، وتحليل الوثائق الأرشيفية ذات الصلة، بالإضافة إلى تقديم توصيات بشأن سبل إعادة الاعتبار للضحايا وعائلاتهم، من خلال التعويضات أو التخليد الرمزي.

وتأتي هذه المبادرة في ظل تزايد الدعوات داخل السنغال وخارجها لمساءلة القوى الاستعمارية السابقة عن انتهاكاتها، حيث يعتبر تسليط الضوء على مجزرة تياروي جزءًا من مسار أوسع لإعادة كتابة التاريخ من منظور الشعوب الإفريقية، والمطالبة بالاعتراف والاعتذار.

وقد صرّح الرئيس فاي خلال مراسم التسليم أن "العدالة التاريخية لا تسقط بالتقادم، وما جرى في تياروي يجب أن يُروى بصدق للأجيال القادمة، حتى لا يُنسى ولا يتكرر".

وتشكل هذه الخطوة بداية محتملة لمراجعة شاملة لسياسات الذاكرة في السنغال، وربما تشجع دولًا إفريقية أخرى على فتح ملفات مشابهة كانت مغلقة لعقود بفعل الصمت الرسمي أو الهيمنة الاستعمارية على السرديات التاريخية.