تقرير علمي — كفن تورينو: قراءة جديدة للحمض النووي
الخلفية والتوقعات
لقرون، جرى التعامل مع كفن تورينو باعتباره قطعة أثرية دينية أسطورية، يُعتقد بأنه الغطاء الذي وُضع حول جسد المسيح بعد صلبه. هذا النسيج المحفوف بالغموض أثار جدلاً كبيرًا بين المؤمنين والشكّاكين.

نتائج تحليل الحمض النووي
في دراسة أجريت على جزيئات الغبار العالقة على الكفن، استُخرجت تسلسلات من الحمض النووي البشري والميتوكوندري، وكذلك من الحمض النووي لنباتات متعددة.‒ من جهة الحمض الميتوكوندري، وُجدت شعوب من أصول جغرافية مختلفة: أوروبا الغربية، الشرق الأدنى، شبه الجزيرة العربية، وحتى شبه القارة الهندية.
‒ بالنسبة للنباتات، تم تحديد تصنيفات تنتمي إلى مواطن متعددة تشمل البحر الأبيض المتوسط وآسيا والشرق الأوسط، وبعض الأنواع التي لم تكن موجودة تقليديًا في أوروبا في فترة العصور الوسطى.

التفسير العلمي والتاريخي
وفقًا للباحثين، التنوع الكبير في الأنساب الجينية لا يعني بالضرورة أصلًا “غير بشري” أو خارقًا. فعلى سبيل المثال، قد يُعزى هذا التنوّع إلى عدة أشخاص من خلفيات إثنية متنوعة لمسوا الكفن عبر الزمن.بعض النتائج الجينية تُثير تساؤلات مثيرة: على سبيل المثال، هناك إشارة إلى وجود تسلسلات ميتوكوندرية نادرة مرتبطة بمجموعة درزية — وهي أقل شيوعًا في أوروبا الغربية، لكنها موجودة في الشرق الأدنى.
كذلك، بعض الباحثين يقترحون احتمال تصنيع الكفن في الهند، بناءً على مدى تشابه الأنساب الجينية وبعض النباتات التي عُثر عليها.


النقد والشكوك
‒ بعض علماء الوراثة يحذّرون من تفسير متهور: وجود DN A من عدة أشخاص على الكفن لا يعني بالضرورة أن الجسد الذي طُبِع عليه الكفن كان من “نوع مختلف” أو “كائن فضائي”.‒ أيضًا، هناك احتمال أن بعض الحمض النووي هو نتيجة تلوّث عبر الزمن، بسبب طيّ القماش، تلامسه، ولمس الزوار. بالفعل، أجزاء من الكفن تعرضت للطيّ اليدوي، وقد تكون أطراف القماش (الحواف) قد تعرضت أكثر من غيرها.
‒ أخيرًا، تحليل الحمض النووي القديم يحمل دائمًا تحديات تقنية، مثل تحلّل الحمض النووي بمرور الوقت أو صعوبة التمييز بين الحمض النووي الأصلي والحمض الملوّث.
الخلاصة والتداعيات
في حين أن بعض وسائل الإعلام تصف النتائج بأنها “ثورة علمية قد تغيّر تعريف الإنسان”، فإن الغالبية من العلماء يرون أن هذه النتائج تثير تساؤلات مهمة — لكنها ليست دليلًا قاطعًا على أصل خارق أو غير بشري للكفن أو للكائن الذي طُبِع على النسيج.ما تشير إليه الدراسة حقاً هو تعقيد تاريخ الكفن: عبر القرون، مرّ بعدّة أيدي وأشخاص من خلفيات جغرافية وإثنية متنوعة، وربما خضعت لمسارات متعددة من جهة التصنيع أو الانتقال.
ما هي الخطوات التالية؟
‒ إجراء تحليلات إضافية باستخدام تقنيات أحدث للحمض النووي القديم (ancient DNA) لتحديد مدى احتمال التلوّث أو الاختلاط.‒ مقارنة النتائج الجينية مع دراسات تاريخية وأثرية (مثل تحليل الألياف، البذور، والتربة) لتحديد مسارات تكوين الكفن ونقله عبر الزمن.
‒ إشراك المجتمع العلمي الأوسع — من علماء الجينات إلى المؤرخين والمهندسين — لمراجعة النتائج وتفسيرها ضمن سياق متعدد الأبعاد.
