عاش الفيلسوف اليوناني "نيرو" قبل أفلاطون بمدة قصيرة، لكنه لم يحظَ بالشهرة التي نالها الأخير، رغم أنه كان من أوائل من طرحوا رؤية متكاملة لإدارة المياه وتوزيعها بعدالة بين السكان.
كان نيرو يؤمن بأن المياه ليست فقط مورداً طبيعياً، بل عنصراً سياسياً واجتماعياً يتطلب إدارة واعية. وكون اسمه يعني "المياه" في اليونانية، قرر تأسيس إدارة متخصصة بالمياه والصرف الصحي، وقسّمها إلى ثلاث مصالح رئيسية:
- مصلحة الخدمات والعلاقات – يقودها ممول نافذ على علاقة بالطبقة الحاكمة.
- مصلحة الانتقام – يتزعمها محتال ماهر يستخدم قطع الإمدادات كوسيلة "عقابية" بعد شكاوى يرفعها أفراد من الطبقة النبيلة.
- مصلحة الدراسة والتنفيذ – تتولى حفر الآبار وتنظيم التوزيع.
في نظام نيرو، كانت مصلحة الانتقام تنفذ قراراتها غالبًا استجابة لرغبات النبلاء، الذين قد يسعون للانتقام من خصومهم بحرمانهم من المياه. في المقابل، كانت مصلحة الخدمات تتلقى دعماً مالياً مباشراً من الطبقة النبيلة لضمان استمرارية الإدارة.
ورغم أن هذه الخريطة الإدارية لم تُطبّق في عصره نتيجة ضعف البنية الحضارية والتقنية، فإن أفكار نيرو بدت وكأنها تنبؤ بالمستقبل؛ إذ أن بعض الدول المعاصرة تطبّق اليوم هذا النموذج بحذافيره – وربما تتجاوزه – مع توفر الوسائل التكنولوجية.
نيرو، الفيلسوف الذي غُيّب صوته في زمنه، ربما آن الأوان لإعادة قراءته من جديد.