تشكل الأوسمة الشرفية إحدى أهم أدوات الدولة والمجتمع في تكريم الأفراد والمؤسسات على ما يبذلونه من جهود متميزة في خدمة الوطن. ولضمان مصداقية هذه التوشيحات وتحقيقها للغايات المرجوّة، يجب أن تخضع لمعايير موضوعية واضحة تُبعدها عن الاعتباطية أو المحاباة، وتكرّس قيم العدالة والشفافية.
وتستعد مؤسسات الدولة هذه الأيام لانطلاق سلسلة التوشيحات السنوية التي تلي الاحتفال بعيد الاستقلال الوطني، الذي تحييه بلادنا في الثامن والعشرين من نوفمبر كل عام. وهي مناسبة يتجدد فيها التكريم الوطني وتتجلى فيها رمزية الاعتراف بالعطاء. ومن المهم أن تراعي هذه التوشيحات النهج القائم على الشفافية والجدية والحياد الذي كرّسه فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، ونهج حكومته بقيادة الوزير الأول المختار ولد أجاي، بما يعزز ثقة المواطنين ويضمن تكريم المستحقين فعلاً.
1. معيار الإنجاز الفعلي والملموس
يعدّ الإنجاز المحور المركزي في منح الأوسمة. ويُقصد به كل عمل أو مبادرة حققت أثرًا واضحًا ومثبتًا، سواء في المجالات العلمية أو الأمنية أو الصحية أو الاجتماعية أو الاقتصادية.
ولا يكفي مجرد أداء الواجب اليومي، بل يجب أن يكون الإنجاز استثنائياً أو متفوقاً على المألوف.
2. معيار الإسهام الوطني
ينظر هذا المعيار إلى حجم الإضافة التي قدمها المرشح للوطن، خاصة تلك التي تتجاوز حدود المؤسسة وتصل إلى المجتمع. ويشمل ذلك الإسهامات التي تعزز المصلحة العامة، أو صورة الدولة، أو أمنها واستقرارها.
3. معيار النزاهة والسيرة الحسنة
لا يمكن منح وسام شرفي لشخص تحوم حوله شبهات أو لديه سجل مهني غير مشرف. لذلك تُعتمد تقارير السيرة المهنية والتحريات الإدارية التي تثبت سلامة المسار الشخصي والمهني.
4. معيار الكفاءة المهنية
يرتبط بمدى تفوق المرشح في مجاله، من خلال جودة الأداء، والابتكار، والعطاء المتميز مقارنة بأقرانه.
ويكتسي هذا المعيار أهمية خاصة في القطاعات العلمية والعسكرية والإدارية.
5. معيار الاستمرارية
العطاء المستمر عبر سنوات طويلة يُعدّ معياراً أساسياً للتكريم، لأنه يثبت أن الإنجازات ليست ظرفية بل ناتجة عن التزام راسخ ومسؤولية دائمة.
6. معيار الأثر المجتمعي
يُقيَّم هذا المعيار وفق أثر المرشح في مجتمعه:
– خدمة الفئات الهشة
– المبادرات التطوعية
– القدوة في الأخلاق والمواطنة
فالأوسمة لا تُمنح للإنجاز المهني فحسب، بل للقيم والسلوك العام.
7. معيار الشفافية في الترشيح
لضمان العدالة، ينبغي أن تمر عملية الترشيح عبر إجراءات واضحة تشمل:
– لجنة مختصة مستقلة
– معايير تقييم معلنة
– محاضر توثق مبررات الاختيار
فالشفافية تمنح الوسام قيمته، وتعزز ثقة المواطنين.
8. مراعاة التوازن بين القطاعات
من المهم أن تشمل التوشيحات مختلف القطاعات الحيوية للدولة، تجسيداً لتكامل الأدوار، وتقديراً لمساهمة كل قطاع في خدمة الوطن.
إن التوشيحات بالأوسمة الشرفية ليست مجرد احتفالات رمزية، بل هي آلية لترسيخ القيم الوطنية وتشجيع السلوك الإيجابي. ومع اقتراب انطلاق موجة التوشيحات التي تعقب الاحتفال بعيد الاستقلال، فإن الالتزام بالمعايير الموضوعية والمنصفة — في إطار نهج الشفافية والجدية والحياد الذي أرساه فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني ورئيس حكومته المختار ولد أجاي — سيعزز احترام قيمة الوسام، ويضمن تكريم من يستحق التكريم فعلاً، ويقوي الثقة في مؤسسات الدولة.
---
محمد عالي محمدن (عدود)
إطار بوزارة العدل
بالجمهورية الإسلامية الموريتانية
