يونس صالح خلف الجبوري ، أبرز صعاليك العرب في القرن العشرين، صحفي ومغامر عراقي، عرف باسم "يونس بحري"
ولد يونس بحري في الموصل سنة 1900، ونشأ في محلة الخضر، وهو من عشائر الجبور التي استقرت في ضواحي مدينة الموصل منذ حوالي خمسة قرون وتسمى عشيرته الجوابنة، ويعود أصلها إلى قحطان.
كان والده صالح أغا الجبوري يوزباشي في الجيش العثماني يقوم بتأمين البريد بين إسطنبول مركز الدولة العثمانية وولاية الموصل
حكم عليه بالإعدام أربع مرات وهو مؤسس أول إذاعة عربية في أوروبا العام 1939 تبث من المانيا (هنا برلين .. حي العرب).
أسس ست عشرة إذاعة ، وأتقنّ سبع عشرة لغة ، وحمل خمس عشرة جنسية ، ووصل عدد زوجاته إلى أكثر من مائة، وكان يقول : "لقد بدأت بشهريار الإيرانية وانتهيت بشهرزاد السورية".
كان يونس بحري في مجلس الملك الراحل عبد العزيز آل سعود حين جاء من يبشر الملك بمولوده الثالث والستين. نظر الأمير فيصل ـ الملك فيصل بعد ذلك ـ الى يونس بحري وابتسم، وكان الملك عبد العزيز لماّحا، فلاحـظ نظـرة ولده وابتسامته، فسأله عما عنده فقال الأمير فيصل:
ـ يبلغ عدد أولاد يونس بحري أربعة وستين.
فسأله الملك عبد العزيز:
ـ هل صحيح يا يونس أن عدد أولادك أربعة وستون؟
فرد يونس بحري قائلا:
ـ الذكور منهم فقط يا طويل العمر!
عاش يونس بحري بالهند، كان يعمل كراهب في النهار وراقص في ملهى بالليل ويجد مع ذلك وقتاً ليقوم بعمل إضافي مراسلاُ لإحدى الصحف الهندية، وفي وقت آخر أصبح مفتيا في أندونيسيا ، ثم اماما لجامع باريس.
غادر العراق نهاية عام 1923 في رحلة حول العالم ،انطلق نحو إيران ومنها إلى أفغانستان والهند وصولا إلى الشرق الأقصى والملايو وأندونيسيا ثم مر بالصين واليابان .
وانتقل الى العالم الجديد بما في ذلك الولايات المتحدة وكندا ، واكتشف العالم لأول مرة ، ثم عبر الأطلسي ووصل أوروبا ، فانتقل من بريطانيا الى بلجيكا وهولندا وفرنسا وألمانيا وصل مصر التي وثق علاقاته بأدبائها ومثقفيها وكتب في صحافتها .. ثم عاد الى العراق باسم (السائح العراقي ) العام 1925.
بعدها غادر الى الكويت ومنها الى السعودية حيث اخترق الاحساء ونجد والحجاز وعسير والربع الخالي وحده مشيا على الاقدام حتى وصل الى اليمن والتقى الإمام يحيى بن حميد الدين زعيم اليمن ، ومن هناك عبر البحر الأحمر نحو إفريقيا واخترق اريتريا والحبشة والسودان الشرقي ومن ثم السودان الغربي وعبر الصحراء الكبرى مشيا على الاقدام وحده ، وصل بعد 48 يوما الى جبال الاطلس ، ووجد نفسه في المغرب ، فزار فاس ومكناس و مراكش والدار البيضاء والرباط وطنجة ، ومن هناك عبر إلى أوروبا نحو إسبانيا و وصل فرنسا وألمانيا وبلجيكا وأبحر إلى إنكلترا.
دخل يونس بحري مسابقة لعبور بحر المانش، فتقدم بعلم العراق لدخول المسابقة قبل ساعات معدودة من بدئها من دون تحضير سابق أو تدريب. فعبر البحر وفاز بالمركز الأول مسجلاً سابقة لا مثيل لها في التاريخ الرياضي العراقي فأطلق عليه تسمية يونس البحري ومنح جواز سفر دبلوماسياً ألمانياً.
ثم رجع الى العراق وكتبت الصحافة العراقية مغامراته الجغرافية ، عاد مثقفا بلغات ومعلومات واسعة . ثم غادر العراق مرة أخرى عام 1929، ليلتقي بمؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبد العزيز آل السعود الذي كان معجبا به وصديقه الكويتي الاديب الأمير عبد العزيز الرشيد ليكلفهما بنشر الدعوة الى الحج في جزر الهند الشرقية ، غادرا معا الى جنوب شرق آسيا ، وانطلقا الى الشرق الاقصى وصل بحري والرشيد اندونيسيا ، واصدر هناك العام 1931 جريدة ( العراقي والكويتي).
في ابوظبي تعرف على الشيخ زايد ، وفي عام عام 1971 أصدر صحيفة ابوظبي نيوز الناطقة بالإنجليزية و عمل مسئولا عن قطاع الشؤون الصحفية في وزارة الاعلام الإماراتية.
التقى الرئيس المختار ولد داداه في خمسينيات القرن الماضي ، بيونس بحري في باريس وقامت بينهما صداقة، ثم تفرقا ومضي كل في طريق.
غداة الاستقلال جاء يونس بحري إلى المنتبذ القصي استقبله صديقه القديم الرئيس المختار ولد داداه في مكتبه في العاصمة الفتية قيد الإنشاء نواكشوط، رحب به ودار بينهما الحديث.
أخبر بحري المختار برغبته في الكتابة عن موريتانيا هذه الدولة العربية الناشئة.
قال له المختار -وكان يعرف صديقه- : ها نحن أمامك كتاب مفتوح لا نسألك المبالغة فيما ستكتب عنا، لكن بالمقابل لا تظلمنا نريدك أن تكتب عنا كما نحن .. نحن كما نحن ..
أخذ يونس الصور الفوتوغرافية من الرئيس ومن حفل على المشوي في الرئاسة ، وصورة مع مدير الإذاعة يعقوب ولد أبومدين الذي أثنى عليه وعلى أخلاقه في كتابه ، وصورة من بعض الشخصيات الوازنة و لازلت أذكر صورة في كتابه عن بوياگي ولد عابدين زعيم حزب النهضة كتب تحتها بوياگي ولد عابدين يقول الحق ولو على نفسه.
وتحدث يونس في الكتاب عن أزمة اعتراف المغرب بموريتانيا ، واعتراف بورقيبة وتونس بموريتانيا، وصور يونس بعض السيارات لشركات كانت تنقب عن النفط في البلاد وتحدث عن المؤشرات الواعدة باكتشافه وعن المعادن الأخرى.
وجمع مادة الكتاب وذهب وبما أن الكتابة لا تكلف كاتبا محترفا مثل يونس مجهودا فقد صدر الكتاب في بيروت سنة ١٩٦١ بعنوان: "جمهورية موريتانيا الإسلامية" وهو كتاب يقع في 288 صفحة، ومن مواضيعه: موريتانيا - تاريخ ، موريتانيا-الأحوال السياسية ، موريتانيا-العلاقات الخارجية.
يقول الكاتب الليبي محمد سعيد القشاط، في كتابه "خي باب شياخ وآثارهُ الأدبية":
وفي هذه الرّحلة عرفتُ خي باب شياخ أكثر، وحدثني عن الكثير من حكاياته ومغامراته و قصصه الطريفة.
منها أنه كُلف بمرافقة (يونس بحري) الذي جاء إلى موريتانيا لكتابة كتاب يوضح فيه عدم أحقية المغرب في موريتانيا و لما ذهب إلى المغرب و منحه الحسن الثاني مبلغاً مُغرياً من المال أكثر كتبَ كتاباً يؤكد فيه أحقية المغرب في موريتانيا.
وقال باب شياخ: كنا نتغذى في مطعم فأحضر النادل طبقاً من الخنزير، فغضب يونس بحري و صاح في النادل يطلبه، وقد ظننتهُ أنه يحتجّ على إحضار لحم الخنزير، وهو المسلم المحرم عليه أكله.
قال خي بابا : "لما عاد النادل قال له يونس بحري : ما هذا تظنني طفلاً تحضر لي القطعة الصغيرة زدني غيرها، فزاده النادل من لحم الخنزير و أكله وهو يتحدثُ وكأنه لم يفعل شيئاً حراماً."
من صفحة المدون سيدي محمد XY