تشرق شمس يوم جديد على مسافر تائه في عوالم شتى مبعثر الحقائب يبحث عن وجهة أضاعها في زحمة الحياة .
لم يتغير كثيرا مطار محمد الخامس رائحة القهوة المنبعثة من انامل نادل اسمر ينحدر من زاكورة ويجتهد في إعداد قهوة "النص النص" ببراعة لايدري كنهها إلا من جربها تؤكد ان الزمن هنا توقف او يكاد!!!
لكن مهلا الفتى العابر من هنا قبل عقدين ونيف وهو مزهو بعنفوان وجبل من الاحلام لم يعد كما كان !!!
تغيرت تضاريس الجسد وخطت الايام علاماتها ولم يعد هذا المطار وجهة بل مجرد محطة بين الزمنين الاوروبي،والإفريقي!!!
الأهازيج الخافتة لموسيقى الموشحات الاندلسية المنبعثة هنا وهناك تذكر العابرين بامجاد وعذابات الموريسكيين
وكانها بالعود والقانون تروي قصة الخروج الكبير من غرناطة
مسحة الحزن الموغل في الطرب الأندلسي تجعله فريدا في كل شيء فهل هي رسالة المعتمد بن عباد بعد الرحلة بين إشبيلية واغمات!!!
من الصعب أن تعبر عن المغرب في كلمات لأنه لوحة إنسانية مفعمة بالألوان رغم كل شيء يحافظون هنا على تلك الابتسامة النقية نقاء هذه القلوب المنهكة باعباء الحياة.
بالطبع لم يعد بإمكاني ان افطر بثلاث دراهم ثمن القهوة والمسمن كما كنت افعل قبل عشرين عاما فقد فعل الغلاء فعله هنا لكن الطيبة الطافحة للناس أغلى من كل ماسبق!!!
رغم اسفاري الكثيرة ورحلاتي حول العالم فإن التوقف هنا
يشعرني بببهجة لاتوصف تماما كطفل عثر على قطعة حلوى
أضاعها قبل فترة كأنني تركت شيئا مني هنا أفتقده كلما ابتعدت واجده كلما عبرت او توقفت هنا!!!!
إنه صوت النداء الأخير
لركاب رحلة لندن جاتويك يكسر سلاما وسكونا داخليا لمسافر بلاعنوان.
الاعلامي عبدالله سيديا احمد الشيخ