الذكاء الاصطناعي تجربة بصرية تقلق المؤرخين

أصبح من الممكن، بفضل هاتف ذكي بسيط والذكاء الاصطناعي، إعادة كتابة التاريخ وفق أهوائنا؟ حتى الحكومات  نفسها انبهرت بهذه الفكرة، وهو ما يثير قلق المؤرخين

بفضل تقنيات توليد الصور والفيديو بالنصوص، أصبح من الممكن اليوم إحياء شخصيات تاريخية لم تلتقطها الكاميرات قط، أو إعادة تمثيل أحداث لم يوثقها أحد بالصوت والصورة. 

يستطيع المستخدم، عبر هاتف ذكي فقط، إنتاج فيديو يظهر فيه هيتلر وهو يخاطب جيشه بلغة عصرنا، أو فيلم قصير يجسد حكاية مقاومة محلية لم تُذكر إلا في كتب التاريخ.

هذا التطور يثير إعجاب الكثيرين، لكن في الوقت نفسه يقلق المؤرخين والباحثين. فإنتاج مواد بصرية تبدو حقيقية تمامًا قد يؤدي إلى خلط الحقائق بالخيال، ويتيح المجال لتزوير الأحداث وتشويه الوعي الجمعي، خاصة إذا استُخدم دون ضوابط أو توثيق واضح للمصادر.

قبل أسابيع قليلة، نشرت جهة حكومية أوروبية فيديو بتقنية الذكاء الاصطناعي يجسد مقاومة فرنسية وهمية، في محاولة لإحياء روح الوطنية. لكن الفيديو أثار جدلاً واسعًا، واتهمه البعض بتشويه التاريخ وتزييف الوقائع لصناعة بطولات لم تحدث.

مع ذلك، لا يمكن إنكار أن الذكاء الاصطناعي يقدم أيضًا فرصًا كبيرة: فهو أداة قوية لإعادة تقديم التاريخ للأجيال الجديدة بأسلوب جذاب وسهل الفهم، وتحويل السرد الجاف إلى تجربة بصرية ممتعة تحفّز على التعلم والبحث.

بين المخاوف والفرص، يبقى السؤال الأهم: كيف نستخدم هذه التقنية دون أن نفقد الحقيقة؟ الجواب يكمن في الشفافية، والتوضيح الدائم بأن ما يُنتج بالذكاء الاصطناعي هو تصور فني مبني على أحداث حقيقية، وليس بديلاً عن التوثيق التاريخي القائم على الأدلة.