حذّرت دراسة علمية حديثة من أن التعرض المتواصل لموجات الحر الشديدة لا يقتصر تأثيره على الإجهاد والتجفاف فحسب، بل يمتد ليؤثر سلبًا على صحة الإنسان على المستوى الخلوي، مسرّعًا عملية الشيخوخة البيولوجية، ما يُنذر بزيادة خطر الإصابة بأمراض مزمنة والوفاة المبكرة.

وبحسب الدراسة التي أجراها باحثون من جامعة جنوب كاليفورنيا، فإن الحرارة الشديدة تُحدث تغيرات في ما يُعرف بـ"الساعة البيولوجية اللاجينية" (Epigenetic Clock)، وهي المؤشر الذي يقيس العمر البيولوجي بناءً على حالة الأنسجة والخلايا. وتشير النتائج إلى أن العمر البيولوجي قد يتجاوز العمر الزمني لدى الأشخاص المعرضين للحرارة لفترات طويلة، ما يرفع احتمالات الإصابة بأمراض مثل السرطان، الزهايمر، السكري، وأمراض القلب.

وقالت الأستاذة في علم الشيخوخة وعلم الاجتماع، الدكتورة جينيفر آيلشير، إن "تسارع الشيخوخة البيولوجية يُعد مؤشراً مبكراً ومقلقاً على تدهور الصحة العامة"، مشيرة إلى أن التأثيرات قد تشمل حتى فئات الشباب، وليس فقط كبار السن أو المرضى.

ومع تزايد وتيرة موجات الحر حول العالم بفعل التغير المناخي، دعا الباحثون إلى ضرورة تبنّي استراتيجيات وقائية على المستوى المجتمعي، تشمل توفير مساحات مبردة، وزيادة التوعية الصحية، وتكييف البنية التحتية الحضرية لمواجهة الحرارة المرتفعة.
تحذيرات إقليمية
يُذكر أن مناطق واسعة من العالم العربي، وخاصة في الخليج ومناطق شمال إفريقيا، سجلت درجات حرارة تجاوزت 50 درجة مئوية هذا الصيف، ما يسلّط الضوء على خطورة الظاهرة على سكان المنطقة، خاصة مع محدودية الوصول إلى التكييف والموارد في بعض المناطق الريفية والفقيرة.

ويؤكد الخبراء أن تأثير الحرارة على الشيخوخة البيولوجية يمثل تحديًا صحياً جديدًا يستوجب مزيدًا من البحث والدراسة، إلى جانب تطوير خطط استجابة صحية ومناخية شاملة، لحماية الأجيال الحالية والمقبلة من عواقب غير مرئية ولكنها قاتلة .