يُعدّ الزعيم الوطني بوياگي ولد عابدين (1918–1970) أحد أبرز رموز الحركة الوطنية الموريتانية، حيث كرّس حياته للنضال السياسي من أجل الاستقلال وبناء الدولة الحديثة. وُلد ولد عابدين سنة 1918 بضواحي تمبدغة في منطقة الحوضين، وتلقى تعليمه الأولي في القرآن وعلوم الشرع واللغة، قبل أن يلتحق بالمدرسة الابتدائية سنة 1926، ثم بإعدادية تراسون في مالي، ليتخرج عام 1933 مفتشًا للبريد.
انخرط في العمل السياسي خلال أربعينيات القرن الماضي، وأسهم سنة 1948، إلى جانب أحمد ولد حرمة ولد ببانة وآخرين، في تأسيس حزب الوفاق. وتأثر بثورة 23 يوليو 1952 في مصر، فدافع بقوة عن القضايا الوطنية والقومية، ما أدى إلى اعتقاله ونفيه من طرف السلطات الاستعمارية الفرنسية.
وفي عام 1958، وبمبادرة من أحمد ولد حرمة، أسس بوياگي حزب النهضة الوطني خلال مؤتمر كيهيدي الشهير، متزعمًا تيارًا ناضل من أجل استقلال موريتانيا ورفض التبعية، قبل أن ينتشر الحزب على نطاق واسع قبيل الاستقلال. وعلى خلفية تعثر المفاوضات السياسية، اعتُقل بوياگي ورفاقه قبيل احتفالات الاستقلال ونُقلوا إلى سجن تيشيت حتى 28 نوفمبر 1960.
بعد الاستقلال، شارك بوياگي في مؤتمر الوحدة والطاولة المستديرة سنة 1961، وأسهم في المصادقة على دستور البلاد، ودخل أول حكومة وطنية وزيرًا للنقل والبريد والمواصلات، حيث يُحسب له إطلاق الخطوط الجوية الموريتانية. لاحقًا، اتجه إلى القطاع الخاص، فأسس أول شركة وطنية للبناء، كما أطلق جريدة «صرخة الشعب».
رحل بوياگي ولد عابدين سنة 1970، مخلفًا إرثًا وطنيًا حافلًا بالنضال والعطاء، واسمًا خالدًا في ذاكرة الموريتانيين بوصفه أحد رجالات الصدق ورواد الاستقلال.
المفكر محمد الامين عبدالله اباه
