الفساد ..أسبابه وسبل مكافحته فى موريتانيا /الجزء الثاني

وردت كلمة فساد في القرآن الكريم 49 مرة و جاءت بعدة معاني منھا الجدب كما في قوله تعالى: "ظھر الفساد في البر و البحر بما كسبت ايدي الناس ليذيقھم بعض الذي عملوا لعلھم يرجعون.
أو بمعنى الطغيان و التجبر كما في قوله تعالى: تلك الدار الآخرة نجعلنا للذين لا يريدون علوا في الارض و لا فسادا.
أو بمعنى جريمة تصل إلى حد الحرب على الله ورسوله قال تعالى:
إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فسادا أن يقتلو أو  يصلبوا أو تقطع أيديهم و أرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لھم خزي في الدنيا ولھم في الآخرة عذاب عظيم.
 

الفساد مرادف للباطل فكل باطل فساد، و لقد تضافرت نصوص الشرع على حرمة الفساد، و من أسبابه ضعف الإيمان والوازع الديني: فالنفس التي لا تخشى الله خاوية من الإيمان ، حيث لا تبالي بارتكاب المحرمات و لا تخشى من الوعيد والعقاب، بل يزين لھا الشيطان سوء عملها فترى  الامور على غير وجھتھا و تسمي الاسماء بغير مسمياتھا حتى يستمرءھا فلا تخشى من ارتكاب الفساد و لا تستتر من الناس فيصير الفساد عادة والصلاح منكرا.
 

اتباع الھوى وما ينتج عنه من تفشي و انتشار للاخلاق الفاسدة، مثل الكذب، النفاق، الرياء، سوء الظن، خيانة الامانة، قال تعالى: ولا تتبع الھوى فيضلك عن سبيل الله


سيطرة حب الشھواة قال تعالى : زين للناس حب الشھواة من النساء والبنين والقناطير القنطرة من الذھب والفضة والخيل المسومة و الأنعام و الحرث ذلك متاع الحياة الدنيا و الله عنده حسن المآب. 
 

وھذا يدل على تلك العلاقة المباشرة بين الغريزة و الجريمة و الفساد.
مما سبب :
- ابتعاد الناس عن دينھم 
- انتشار المادية بين الناس و تفكك عرى التكافل و التضامن الاجتماعي و انتشار الأنانية و مبدأ المصالح الخاصة، و سيطرة القيم الاستهلاكية على حساب القيم الإيجابية. فقدان الامر بالمعروف و النھي عن المنكر بين افراد المجتمع و ھو صمام أمان المجتمع من الفساد.
- الحكم بغير ما انزل الله و التسلط على الناس وتمسك اصحاب المناصب بمناصبھم و محاولاتهم المستميتة للحفاظ على الكرسي، ضعف أجهزة الرقابة في الدولة و عدم استقلاليتها وضعف متابعة الاداء الوظيفي و في بعض الأحيان يطال الفساد أجهزة الرقابة ذاتها.
- غياب التشريعات و الأنظمة التي تكافح و تفرض العقوبات على مرتكبيھا و وجود تشريعات لكنھا قاصرة في تعريفھا لمفهوم الفساد، ضعف السلطتين القضائية و التشريعية و خضوعها للسلطة التنفيذية ، الھدر و الإسراف في استخدام المال العام فيما لا فاءدة فيه، و سوء توظيف الأموال و انتشار  مظاھر الجھل و نقص المعرفة بالحقوق و الواجبات ، عدم احترام وقت العمل، انعدام الشفافية و غياب المساءلة و ضعف مؤسسات المجتمع المدني.
- ضعف الإرادة لدى القيادة السياسية لمكافحة الفساد، تدني رواتب العاملين و ارتفاع مستوى المعيشة  مما يدفع  العاملين على البحث عن مصادر مالية بغض النظر عن مشروعيتها.
- تغليب علاقة النسب و القرابة على الواجبات و الالتزامات الوطنية، انعدام الشفافية و ضعف دور مؤسسات المجتمع المدني و المؤسسات الخاصة في الرقابة على الاداء الحكومي، قوة ترابط و تكاتف الفاسدين و المفسدين و دقة تنظيمھم و اتساع نطاقھم.
- طغيان مجتمع البداوة و العشائرية، ضعف روح المواطنة و الإنتماء للبلد.
- تولي كثير من المسؤولين مواقع قيادية في الدولة من غير ذوي الكفاءة و الاختصاص و النزاهة حيث ولائهم للفئات  التي أتت بھم لمواقع السلطة أكثر من الولاء للوطن.
- ضعف التشريعات القانونية في البلد و عدم تكاملھا خاصة في المجال الإقتصادي مما يعطي الفرصة لبعض ضعاف النفوس إلى التفسير السلبي لھذه القوانين.
- تأثيرات سلبية لبعض دول الجوار و محاولة خدمة مصالحھا عبر شراء ذمم بعض ضعاف النفوس.

 

بقلم محمد الامين ولد امحمد لديك