الهواتف الذكية ورمضان /تبيبة أحمد

أصبح عصر التكنولوجيا يفرض نفسه علينا مواكبة للعولمة ومسايرة للعالم في توظيف الوسائل المتاحة لخدمة المصلحة الذاتية والمتعدية.
إلّا أن الظرفية الحالية تشهد إدمانا ملحوظا في استخدام الهواتف الذكية وعالم السوشيل ميديا في رمضان، فكيف نستقبل هذا الضيف الكريم ونخصص له وقتا يليق بحرمته،
ونحد من استخدام هذه الهواتف التي تصاحبنا في كل الأوقات؟
تحل الأنوار وتبتهج الأنفس ويجتمع شمل الأهل والجيران والأحبة وتتنزل الرحمات لاستقبال ضيف، وأيُّ ضيف؟ إنه المنحة الربانية لما تُوفِّره من النفحات الكريمة من الرحمان الرحيم.
أجل! إنه رمضان، شهر الصيام والقيام وشهر تُفتح أبواب الجنان وتُغلق فيه أبواب النيران وتُصَفَّدُ فيه مردة الشياطين.
إنه رمضان، الذي مع ما يمنحه من الفضل والكرم، ورغم حاجة النفوس والأرواح والأبدان إلى منتجاته، فإنه تمر لحظاته بخطوات متسارعة ورغم كل شيء، ولذلك فإنه علينا نحن عباد الله، أن نحسن ضيافة هذا الشهر الكريم بكل ما في وُسْعِنَا مع توكلنا على ربنا الكريم، أن نكرم ضيافته على أكمل وجه وأن لا نودعه بدموع الحسرة والندم على تفريطنا في حقه.
إنه زائر كريم يحل بنا في السنة مرة واحدة، ويجلب معه العديد من الهدايا الثمينة الخفية ليوزعها بسخاء: نفحات ورحمات وعتق رقاب من النار…..
إلا أن سارقا محتالا يتحين الفرص ولا يسعى في تضييعها وهو الهاتف الذكي، مدعوما من طرف العدو اللدود “الشيطان” لعنة الله عليه، الذي يتربص بنا ليسرق تلك الهدايا، ويهيمن على تلك العطايا، فهو يستولي بشكل أنانيّ على المفتاح الذهبي لصندوق الهدايا “الوقت”، الذي هو أثمن شيء في حياة الإنسان ولا يمكن استرجاع ما مضى منه، كما يقول المثل: “الوقت أغلى من الذهب” و “والوقت هو ثروتك الحقيقية فلا تنفق منها بسخاء”، فالهواتف الذكية تسرق أوقاتنا الثمينة وتشغل القلب بأتفه الأمور وبمحتويات لا تفيد في أغلب الأوقات وخاصة من طرف من لا يقدرون قيمة الوقت الذي هو العمر،
أما استخدامها في الجانب الٱخر مثل: علم ينتفع به أو عمل نجني منه كسبا حلالا يعيننا في حياتنا اليومية فذلك من شكر نعمة هذه الوسيلة وتوظيف قُدُراتها في المواد التي يعود استثمارها للنفع الخاص والعام في الحاضر والمستقبل.
فرمضان يمر بنا مرور الكرام، ومن المفترض أن لا نضيع وقته إلا فيما يرضي الله سبحانه وتعالى وينفعنا في الدنيا وفي الٱخرة.
إن هذا الشهر الكريم فرصة عظيمة تعد أوقاته بالدقائق واللحظات وتزدحم لحظاته بنفحات الخير والرحمات، فيجب على كل مسلم عاقل أن ينتهز فرصة العمر الجوهرية التي لايعرف المرء هل سيمن الله عليه بفرصة لقاء مرة أخرى؟.
وعليه أن يعمل بحزم وعزم بعيدا عن هدر الوقت من غير طائل، كما يلزمه الحرص على الطاعة والتقرب من الله عز وجل بأنواع العبادات كالصيام والقيام وقراءة القرٱن والدعاء والبكاء من خشية الله تعالى والتذلل والأنكسار في كل وقت وحين وخاصة في أوقات التجلي والسحر ..

فإذا رضي رب العالمين جل جلاله عن العبد حقق له مبتغاه وكتب اسمه في لائحة الموفقين الفائزين المعتوقين من النار.
وإذا كانت الهواتف الذكية أصبحت من ضروريات العصر فإن الإدمان عليها بشكل سلبي في رحاب هذا الشهر الفضيل يُضَيِّعُ فرصة لاتعوض،
أما استخدامها بشكل ايجابي فإنه يحمل من الفوائد ما يجعل الصاع صاعين .

بقلم/الإعلامية تبيبة أحمد