يعتزم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إعطاء دفعة جديدة لسياسته الإفريقية من خلال جولة قصيرة يبدأها الخميس 18 نوفمبر وتشمل جزيرة موريشيوس، وجنوب إفريقيا لحضور قمة مجموعة العشرين، ثم الغابون وأنغولا. وتأتي هذه الجولة في محاولة لطيّ صفحة الانقلابات في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، والتي كرّست تراجع نفوذ باريس في القارة في ظل تنامي المشاعر المناهضة لفرنسا وتصاعد حضور روسيا والصين.
وتؤكد الرئاسة الفرنسية أن ماكرون يسعى في كل محطة إلى ترسيخ “علاقة متجددة” مع إفريقيا، انسجاماً مع النهج الذي أعلن عنه في خطابه بواكادوغو عام 2017 عندما قال إن زمن إعطاء الدروس لإفريقيا قد ولّى، وإن جرائم الحقبة الاستعمارية جزء لا يتجزأ من تاريخ فرنسا.
غير أن الثماني سنوات الماضية حملت الكثير من الخيبات؛ فبرغم زياراته القياسية إلى 40 مدينة في 26 دولة إفريقية، ومبادراته الواسعة في ملف الذاكرة بالجزائر والسنغال ورواندا، فقد تراجعت فرنسا عسكرياً وسياسياً في معظم منطقة الساحل وطُردت من مالي وصولاً إلى تشاد، فيما يزداد السخط الشعبي ضدها.
ومع تراجع نفوذها التقليدي، أعادت باريس توجيه سياستها نحو الدول الإفريقية الناطقة بالإنجليزية والبرتغالية، التي لا تحمل إرثاً استعمارياً ثقيلاً وتوفر أسواقاً واعدة للشركات الفرنسية. ويبرز نيجيريا، التي يبلغ عدد سكانها 220 مليوناً، كشريك أساسي في هذا التحول، إذ أصبحت في عام 2024 أول شريك اقتصادي لفرنسا في إفريقيا جنوب الصحراء.
وتحمل جولة ماكرون الحالية بُعداً اقتصادياً مهماً، بدءاً من موريشيوس، إحدى أغنى دول القارة من حيث الناتج المحلي الفردي والتي سجّلت نمواً يفوق 4% خلال 2024. ويأمل الرئيس الفرنسي أن تعزز زيارته—وهي الأولى لرئيس فرنسي منذ 1993—شراكة تاريخية تراجعت وتيرتها في الأعوام الأخيرة، إلى جانب دفع التعاون الأمني مع منطقتي مايوت ولاريونيون القريبتين.
ويشير الباحث في معهد العلاقات الدولية الفرنسي فرانسوا غولم إلى أن باريس تحتاج أيضاً إلى “إعادة توازن” دبلوماسي في المنطقة، خاصة بعد الإخفاق المسجَّل في مدغشقر عقب إطاحة الرئيس أندري راجولينا، الذي كان يُعد مقرّباً من ماكرون
