رسائل مهمة من الرئيس /عبدالله محمدي

اختتم الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني جولة واسعة شملت مناطق الشرق الموريتاني، خصوصاً الشريط الحدودي مع مالي، في زيارة اعتُبرت الأكثر حضوراً وتفاعلاً منذ توليه السلطة. وجاءت الجولة في سياق مزدحم بالتوترات الاجتماعية وتحديات التنمية وفي ظل تصاعد النزاعات القبلية الأخيرة حول أراضٍ تعرف محلياً بـ«الآبار».

وخلال الزيارة، قدّم الرئيس نفسه بصورة ميدانية مباشرة، إذ ظهر وسط السكان دون حواجز، مستمعاً لشكاواهم حول نقص الخدمات الأساسية، من طرق ومدارس ونقاط صحية وتجهيزات عمومية. وبدا أن الغزواني يسعى إلى إعادة ترتيب العلاقة بين الدولة والمواطنين بعد سنوات من التوتر خلال عهد سلفه محمد ولد عبد العزيز، وإلى ترميم الفجوة بين خطاب رسمي يدعو لمحاربة القبلية والمناطقية، وواقع اجتماعي ما يزال شديد الارتباط بالبنى التقليدية.

وفي بُعد سياسي داخلي، حملت الجولة رسالة واضحة للنخب بأن المرحلة المقبلة ستُدار من الميدان، وأن الرئيس بصدد ترسيخ نمط جديد من الحكم يعتمد الفعل والتدرج والهدوء. وضمن هذا الإطار، أعلن الغزواني إطلاق «البرنامج الاستعجالي لتعميم النفاذ إلى الخدمات الضرورية للتنمية المحلية» بتمويل يصل إلى 260 مليار أوقية قديمة (650 مليون دولار)، متعهداً بجعل التنمية حقاً للمواطن لا مكافأة سياسية.

واعترف الرئيس بوجود الفساد واعتبره «العدو الأول» داخل البلاد، مؤكداً ضرورة خوض «حرب مفتوحة» عليه بلا حماية لأي متورط، في موقف وُصف بأنه الأكثر صراحة منذ توليه الحكم قبل ست سنوات.

أما خارجياً، فجاءت الجولة لتؤكد — بحسب مراقبين — رغبة نواكشوط في تثبيت صورة موريتانيا كـ«استثناء مستقر» وسط محيط إقليمي مضطرب يشهد توترات في السودان ومنطقة الساحل وتنافساً دولياً متصاعداً.

خطاب الغزواني خلال الجولة حمل نبرة أكثر واقعية، ركّز فيها على مشكلات البطالة والتعليم والبنى التحتية، مبتعداً عن الوعود الفضفاضة، في محاولة لإعادة بناء الثقة بين الدولة ومواطنيها.

وتُعد الجولة، بحسب المتابعين، اختباراً لمدى قدرة الحكومة على تحويل التعهدات إلى إنجازات ملموسة في حياة السكان، خصوصاً أولئك الذين استقبلوا الرئيس بانتظار تحسنات حقيقية في ظروفهم اليومية